تتواصل زخم المنافسة في كأس العالم للأندية التي تستضيفها الولايات المتحدة الأمريكية هذا العام، حيث شهدت الجولة الثانية من البطولة لقاءات نارية أظهرت من خلالها عمالقة القارة الأوروبية قوتها الهائلة، خاصةً بعدما تجاوز ناديا بايرن ميونخ الألماني وباريس سان جيرمان الفرنسي منافسيهما بنتيجة ثقيلة، ليصعدا إلى الدور ربع النهائي ويضربا موعداً نارياً بينهما سيكون له حديث كبير في عالم كرة القدم.
باريس سان جيرمان يدشن مشواره بهزيمة إنتر ميامي بأربعة أهداف دون رد
في اللقاء الذي أقيم على ملعب “ريفرسايد ستاديوم” بمدينة أوكلاند، كاليفورنيا، دشن فريق باريس سان جيرمان مشواره في بطولة كأس العالم للأندية بفوز كبير ومستحق على نظيره الأمريكي إنتر ميامي بنتيجة 4-0، في مباراة سيطر فيها الفريق الفرنسي على مجرياتها منذ اللحظة الأولى.
بدأ التهديف مبكراً مع الدقيقة الـ13 عندما افتتح البرتغالي الشاب جواو نيفيز التسجيل للبي إس جي بعد تلقيه تمريرة ذكية من مواطنه برناردو سيلفا داخل منطقة الجزاء، ليسدد الكرة ببراعة على يسار الحارس، معلناً عن هدف السبق. وبعد مرور 12 دقيقة فقط، عاد نيفيز مرة أخرى ليُضيف الهدف الثاني بنفس الطريقة تقريباً، لكن هذه المرة من تمريرة داخلية من الأرجنتيني ليونيل ميسي.
وواصل الفريق الفرنسي ضغطه، وفي الدقيقة الـ38، سجل النجم المغربي أشرف حكيمي الهدف الثالث بعد استحواذ رائع من ميسي الذي مرر الكرة إلى حكيمي الذي لم يتردد في تسديد الكرة بقوة من خارج المنطقة، لتسكن الشباك بطريقة رائعة. لكن قبل نهاية الشوط الأول بدقيقة واحدة، جاء الهدف الرابع بالخطأ في المرمى من لاعب إنتر ميامي توماس أفيليس، بعد أن حول الكرة برأسه داخل شباك فريقه إثر ركلة ركنية نفذها كيليان مبابي.
في الشوط الثاني، حاول إنتر ميامي استعادة بعض السيطرة، لكن الدفاع الفرنسي كان في الموعد، بينما ظل الهجوم الفرنسي خطيراً رغم عدم تسجيل أي أهداف جديدة. وشهدت المباراة حالة طرد لأحد لاعبي إنتر ميامي بسبب تدخل عنيف على لاعب الوسط الإيطالي ماركو فيراتي، ما أكد الفارق الكبير في المستوى بين الفريقين.
بايرن ميونخ يعبر فلامنغو بصعوبة في لقاء مثير
أما في اللقاء الآخر، فقد كان الجمهور على موعد مع مواجهة قوية ومثيرة بين نادي بايرن ميونخ الألماني وفلامنغو البرازيلي، الذي يُعد أحد أقوى الأندية في أمريكا الجنوبية. المباراة التي أقيمت على ملعب “ميرسيديس بنز سوبر돔” في نيو أورلينز، شهدت بداية مفاجئة عندما افتتح بايرن التسجيل من خلال هدف عكسي من لاعب فلامنغو إريك بولغار في الدقيقة الـ9، إثر تمريرة عرضية من الجناح البولندي تشوياميني.
لكن فلامنغو لم يستسلم بسهولة، وشن هجوماً متواصلاً على مرمى البافاري، لكن دفاع الفريق الألماني بقيادة جوشوا كيميش والبرازيلي دايوت أوباميكانو تألق في صد الفرص الخطيرة. ومع الدقيقة الـ27، عاد هاري كين ليُضيف الهدف الثاني للفريق البافاري بتسديدة قوية من خارج منطقة الجزاء، أسكنها الزاوية البعيدة للحارس، مما أثار إعجاب الخبراء والمتابعين.
لم يكن هذا كل شيء، فبعد مرور خمس دقائق فقط، عاد كين مرة أخرى ليُسجل هدفه الشخصي الثاني وهدف بايرن الثالث، بعد تلقيه تمريرة من لاعب الوسط ليون غوريتزكا، ليضع الكرة بهدوء داخل الشباك. أما الهدف الرابع فكان من توقيع ذات غوريتزكا في الدقيقة الـ41، بعد متابعته لكرة مرتدة من الحارس.
لكن فلامنغو لم يفقد الأمل، وأطلق شرارة الرد في الشوط الثاني، حيث سجل جيرسون الهدف الأول للفريق البرازيلي في الدقيقة الـ62 بعد تلقيه تمريرة من الجهة اليمنى، وقبل النهاية بعشرين دقيقة، قلّص جورجينيو الفارق من ركلة جزاء، لكن ذلك لم يكن كافياً أمام التفوق الكاسح للفريق البافاري، الذي أنهى المباراة بنتيجة 4-2.
مباراة تاريخية تنتظر بايرن وباريس في ربع النهائي
بهذا الفوز الكبير، يلتقي بايرن ميونخ وباريس سان جيرمان في دور الثمانية، في مباراة توصف بأنها نهائي مبكر للبطولة، خاصةً وأن كلا الفريقين يضم تشكيلة من العيار الثقيل، ويمتلك مدربين لديهم خبرة كبيرة في مثل هذه البطولات.
من جانبه، يسعى بايرن ميونخ، بطل أوروبا خمس مرات، إلى استكمال مسلسل إنجازاته العالمية، وهو يأمل في تحقيق كأس العالم للأندية للمرة الثانية في تاريخه، بعد أن فاز بها عام 2013 تحت قيادة المدرب السابق جوسيب غوارديولا. ومن المنتظر أن يعتمد المدرب الفرنسي فرانك ريبيري على قوته الهجومية الضاربة بقيادة هاري كين، الذي يبدو في أفضل حالاته هذا الموسم.
في المقابل، يسعى باريس سان جيرمان لتحقيق أول لقب في تاريخه بكأس العالم للأندية، وهو الذي يملك الآن تشكيلة تضم نجوماً من العيار الثقيل مثل ليونيل ميسي وكيليان مبابي وماركو فيراتي ودانيلو بيريرا وجواو نيفيز، إضافة إلى المدافع المتميز أشرف حكيمي. ويقود الفريق الفرنسي المدرب الإسباني لويس كامبوس، الذي يحاول إعادة الأمجاد إلى العاصمة الفرنسية بعد موسمين متقلبين.
تحليل فني وتكتيكي للمواجهة المرتقبة
من الناحية الفنية، فإن المواجهة بين بايرن وباريس ستكون معركة بين قوتين هجوميتين، حيث يتمتع كل من الفريقين بقدرة عالية على الاستحواذ والتسجيل. بايرن ميونخ يعتمد بشكل كبير على التنظيم الدفاعي والانتقالات السريعة، فيما يميل باريس سان جيرمان إلى التحكم في إيقاع المباراة عبر الاستحواذ والتمريرات القصيرة.
اللاعبون المفاتيح في هذه المباراة سيكونون بلا شك هاري كين من جانب بايرن، الذي يُعد الهداف التاريخي للدوري الإنجليزي وصاحب القدرات التهديفية الخارقة، وفي المقابل، فإن ليونيل ميسي سيكون محور تركيز باريس، حيث يمثل اللاعب الأرجنتيني العبقري القوة الحقيقية في توجيه ضربات الفريق الهجومية.
كما أن وسط الملعب سيكون مسرحاً للصراع الحقيقي، حيث سيواجه ماركو فيراتي لاعبي الوسط البافاريين مثل جوشوا كيميش وليون غوريتزكا، في معركة تكتيكية قد تحدد وجهة المباراة.
التأثير النفسي والمعنوي على الفريقين
من المهم الإشارة إلى أن الفوز الكبير لكل من الفريقين في الدور الأول أعطى لاعبي الفريقين دفعة معنوية كبيرة، لكن في الوقت نفسه، فإن هذه المباراة لن تكون سهلة لأي منهما، خاصةً أنها تأتي مبكراً في البطولة، وقد تُعتبر اختباراً حقيقياً لقدرة كل فريق على التعامل مع الضغوط والتحديات.
بايرن ميونخ يتمتع بخبرة أكبر في البطولات الدولية، وهو ما يمنحه ميزة نفسية مهمة، لكن باريس سان جيرمان يملك مجموعة من اللاعبين أصحاب الخبرة مثل ميسي وفيراتي وبيريرا، الذين يعرفون كيف يتعاملون مع مثل هذه المباريات الكبرى.
توقعات الجمهور والمراقبين
تشهد هذه المباراة ترقباً كبيراً من جماهير كرة القدم حول العالم، التي تتطلع لرؤية أفضل نجوم اللعبة في مواجهة مباشرة. ويعتبر كثير من المراقبين أن المباراة قد تكون مفتاح البطولة، فمن يفوز بها سيكون مرشحاً بقوة للتتويج باللقب، خاصةً إذا حافظ على مستواه الفني والبدني.
ختامًا: مونديال الأندية يعود برونق جديد
تعود كأس العالم للأندية هذا العام بحلة جديدة، حيث تم توسيع عدد الفرق المشاركة من 7 إلى 32 فريقاً، وتُقام جميع المباريات على الأراضي الأمريكية، مما يمنح البطولة طابعاً عالمياً أكثر. ورغم الجدل الذي أثارته هذه التغييرات، إلا أن الأداء المبهر للكبار مثل بايرن وباريس يؤكد أن البطولة لا تزال تحظى باهتمام عالمي كبير.
ومع اقتراب مواجهة بايرن وباريس، يبقى المشجعون في انتظار مباراة تاريخية قد تدخل ضمن قائمة أعظم مباريات كرة القدم على الإطلاق، سواء من حيث المستوى الفني أو الأجواء الحماسية أو النجوم التي ستنزل الملعب. هل سيُعيد بايرن أمجاده العالمية؟ أم أن باريس سيحقق حلمه الأكبر؟ الإجابة ستكون على أرض الملعب…