لويس إنريكي يكشف عن تأثير لقب دوري الأبطال على جماهير باريس سان جيرمان: “ما زالوا يحتفلون معي في الشوارع”

إنريكي: الجمهور ما زال يحتفل معي بدوري الأبطال | تقرير شامل

إنريكي: الجمهور ما زال يحتفل معي بدوري الأبطال

في لحظة تاريخية سُجّلت بأحرف من ذهب في دفاتر كرة القدم الأوروبية، توج فريق باريس سان جيرمان بلقب دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخه، في موسمٍ سيُذكر طويلاً كواحد من أكثر المواسم إثارة وتماسكًا فنيًا وإداريًا. لكن ما خلفه هذا اللقب من أثر على الجماهير، كان أكبر من مجرد احتفالات في المدرجات أو مسيرات تُنظم في شوارع العاصمة الفرنسية. ذلك ما كشفه المدرب الإسباني **لويس إنريكي**، الذي لا يزال يعيش تداعيات هذا الإنجاز الكبير في كل خطوة يخطوها في باريس.

في مقابلة حصرية مع الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA)، تحدث إنريكي بمشاعر صادقة عن التفاعل المستمر من جماهير النادي، مشيرًا إلى أن الفوز باللقب لم ينتهِ بانطفاء الأضواء في ملعب المباراة النهائية، بل استمر في الشوارع، المقاهي، المدارس، وحتى في اللقاءات العابرة بين الغرباء.

“حتى اليوم، وفي كل مرة أخرج فيها للتنزه أو أذهب إلى مركز التدريب، يقترب مني أشخاص لا أعرفهم، يصافحونني، يعانقونني، ويشكرونني. لا أبالغ إذا قلت إن هذا من أكثر الأمور التي أقدّرها في حياتي، كلاعب سابق ومدرب الآن.”

لقاءات يومية تعكس عمق الترابط بين الفريق والجماهير

ما يميز تجربة لويس إنريكي في باريس هو التقارب غير المسبوق بين الجهاز الفني والجمهور. فعلى عكس العديد من المدن الأوروبية التي يُنظر فيها إلى المدرب كشخصية بعيدة أو رسمية، فإن باريس، بفضل طبيعتها الاجتماعية المفتوحة، جعلت من إنريكي رمزًا شعبيًا، يُحتفى به ليس فقط في الملاعب، بل في الحياة اليومية.

يروي المدرب: “التقيت بشابًا يعمل في متجر صغير بمنطقة مونتمارتر، سلّم عليّ وقال: ‘لقد جعلتني أفتخر بأنني باريسي’. التقى بي طبيب في مستشفى، وشكرني لأن ابنه أصبح يحلم باللعب لباريس سان جيرمان. هذه الأمور لا تُقاس بالألقاب، بل بالتأثير البشري الحقيقي.”

ويضيف: “أعلم أن كثيرًا من هؤلاء الأشخاص يعيشون ظروفًا معيشية صعبة، وربما لا يمتلكون فرصة للسفر أو الترفيه، لكن لقب دوري الأبطال أعطاهم شعورًا بالفخر والانتماء. وهذا، بالنسبة لي، يفوق أي ترشيح أو جائزة فردية.”

دوري الأبطال: ليس مجرد لقب رياضي

لقد تجاوز فوز باريس سان جيرمان بدوري الأبطال كونه إنجازًا رياضيًا. فقد أصبح حدثًا ثقافيًا واجتماعيًا يُدرس في مدارس علم الاجتماع، ويُحلل في وسائل الإعلام كظاهرة جماهيرية فريدة. ففي مدينة تضم أكثر من 120 جنسية، وجد السكان نقطة تجمع مشتركة في شعار النادي الأزرق والأحمر.

يُعتبر هذا التتويج بمثابة نصر للتنوع، وللأحياء الشعبية التي طالما حلمت بفريق يمثلها في أوروبا. ولم يكن إنريكي غريبًا عن هذا الواقع، فهو الذي بنى فريقًا يعتمد على المواهب الشابة، والانضباط التكتيكي، وروح الجماعة، بعيدًا عن الاعتماد الكلي على النجوم الكبار.

إنريكي: من اللاعب إلى الأسطورة التكتيكية

بصفته لاعبًا سابقًا في برشلونة ومنتخب إسبانيا، عاش لويس إنريكي قمم النجاح كرياضي. لكنه الآن، كمدرب، يعيش لحظات أكثر عمقًا. فبينما كانت الألقاب السابقة تُحتفى بها داخل الملعب، فإن لقب دوري الأبطال مع باريس جعله يشعر بامتداد تأثيره خارج المستطيل الأخضر.

يقول: “كلاعب، كنت أركض خلف الكرة. أما الآن، فأركض خلف معنى النجاح. ماذا يعني أن نربح؟ لمن نربح؟ الجواب بات واضحًا: نربح للجماهير، لنشر رسالة الأمل، ولإثبات أن الإرادة والعمل الجماعي يمكن أن يكسران أي حواجز.”

استعدادات الموسم الجديد تحت وطأة التوقعات

رغم مرور أشهر على التتويج، يواصل إنريكي وفريقه العمل بتركيز عالٍ استعدادًا للموسم الجديد، حيث ترتفع التوقعات إلى مستويات قياسية. فالحفاظ على اللقب الأوروبي، إلى جانب التنافس على الدوري الفرنسي وكأس فرنسا، أصبح هدفًا واقعيًا بعد أن كان يُنظر إليه كحلم بعيد.

وأكد المدرب أن الضغوط موجودة، لكنها “إيجابية”، لأنها ناتجة عن ثقة الجمهور والمؤسسة. وقال: “الجمهور ما زال يحتفل معي، وهذا يعطيني طاقة إضافية. لا أريد أن أخيب ظنهم. لذلك، كل يوم في التدريب، نتذكر أننا لا نلعب فقط من أجل النقاط، بل من أجل الابتسامات التي نراها في الشوارع”.

رسالة إلى الجماهير: “الفخر مشترك”

في ختام حديثه، وجه لويس إنريكي رسالة موجزة لكنها عميقة إلى جماهير باريس سان جيرمان: “ما حدث في الموسم الماضي ليس إنجازًا لي أو للاعبين فقط، بل إنجاز لكم جميعًا. أنتم من صنعتم هذا الفخر. أنتم من آمنتم عندما شكك الكثيرون. لذلك، كل مرة تحتفلون بها، فأنا أحتفل معكم. لأن الفوز الحقيقي هو أن نشعر معًا بالسعادة.”

ويبدو أن رحلة لويس إنريكي مع باريس سان جيرمان قد دخلت مرحلة أسطورية، لا تُقاس بالألقاب فحسب، بل بالذكريات التي تُخلق في الشوارع، واللقاءات العفوية، والابتسامات التي لا تُرى في إحصائيات المباريات، لكنها الأصدق والأبقى.