دوّنت بطولة كأس أمم إفريقيا 2019 في مصر فصلًا جديدًا في ذاكرة الكرة الإفريقية، بين فرحة جزائرية عارمة بلقبٍ ثانٍ طال انتظاره، وخيبة أمل قاسية لمنتخب مصر الذي أخفق في استثمار عاملي الأرض والجمهور لتعزيز رقمه القياسي.
النسخة كانت استثنائية بكل المقاييس، إذ شهدت للمرة الأولى مشاركة 24 منتخبًا بدلًا من 16، ما منح البطولة زخمًا أكبر، لكنه كشف أيضًا عن تفاوت كبير في المستويات، وحمل مفاجآت لا تُنسى.
بطولة مليئة بالمشاهد المتناقضة
من المسيرة التاريخية لمنتخب مدغشقر الذي بلغ ربع النهائي في أول مشاركة قارية له، إلى الحضور الجماهيري الباهت في عدد من المباريات، مرورًا بمردود مخيب لنجوم كبار، كان في مقدمتهم المغربي حكيم زياش، عاشت البطولة إيقاعًا متقلبًا بين الدهشة وخيبة التوقعات.
لكن القصة الأبرز كُتبت باللون الأخضر.
الجزائر… عودة المحاربين
بعد تتويج أول على أرض الجزائر عام 1990، غاب “محاربو الصحراء” عن منصة التتويج القارية لما يقارب ثلاثة عقود، تخللتها إخفاقات موجعة وخروج مبكر من بطولات كبرى.
إلى أن جاء جمال بلماضي، المدرب الذي أعاد الانضباط والهوية للمنتخب، وقاد جيلًا يقوده رياض محرز نحو كتابة التاريخ من جديد، وانتزاع النجمة الثانية.

مشوار الأبطال نحو اللقب
بلغت الجزائر النهائي بعد مسار قوي وحاسم:
- 🟢 الفوز على غينيا (3-0) في ثمن النهائي
- 🟢 تجاوز ساحل العاج بركلات الترجيح (4-3) بعد التعادل (1-1)
- 🟢 الانتصار على نيجيريا (2-1) في نصف النهائي
وفي النهائي، كررت الجزائر سيناريو الانتصارات الضيقة، وفازت على السنغال بقيادة آليو سيسيه وساديو مانيه بنتيجة 1-0، لتتوج باللقب على حساب أفضل منتخب إفريقي آنذاك وفق تصنيف الفيفا.
هيمنة جزائرية فرديًا
لم يقتصر التفوق الجزائري على التتويج الجماعي، بل امتد إلى الجوائز الفردية:
- ⭐ إسماعيل بن ناصر: أفضل لاعب في البطولة
- 🧤 رايس مبولحي: أفضل حارس مرمى
- 🧠 جمال بلماضي: أفضل مدرب
فيما ذهب لقب الهداف إلى النيجيري أوديون إيغالو برصيد 5 أهداف.

مصر… أرض اللقب تتحول إلى صدمة
دخل منتخب مصر البطولة بثقة كبيرة، بصفته صاحب الرقم القياسي (7 ألقاب)، وعلى أرضه التي شهدت تتويجه ثلاث مرات في النسخ الأربع السابقة التي استضافها.
امتلك الفراعنة كل مقومات النجاح:
- محمد صلاح في قمة عطائه
- دعم جماهيري هائل في ستاد القاهرة
- تاريخ يصطف إلى جانبهم
لكن البداية المرتبكة بفوز صعب على زمبابوي كشفت مبكرًا أن الأمور لن تكون سهلة.

جدل وارتباك ثم سقوط مدوٍ
رغم إنهاء دور المجموعات بالعلامة الكاملة ودون استقبال أهداف، لاحق المنتخب المصري توتر داخلي بسبب أزمة عمرو وردة، وما تبعها من انقسام جماهيري وانتقادات حادة طالت النجوم، وعلى رأسهم صلاح.
وجاءت الصدمة الكبرى في ثمن النهائي، عندما سجّلت جنوب إفريقيا هدف الفوز قبل خمس دقائق من النهاية، لتغرق مدرجات القاهرة في صمت ثقيل، وتنتهي الأحلام سريعًا.
الهزيمة كانت لها تداعيات فورية:
- إقالة المدرب خافيير أغيري
- استقالة رئيس الاتحاد هاني أبو ريدة
- موجة غضب وانتقادات غير مسبوقة
المغرب… خروج لا يُصدق
دخل أسود الأطلس البطولة كأحد أبرز المرشحين، بقيادة هيرفي رونار، وبعد دور مجموعات مثالي دون خسارة أو استقبال أهداف.
لكن المفاجأة وقعت في ثمن النهائي، بسقوط صادم أمام بنين بركلات الترجيح، بعد أن أضاع حكيم زياش ركلة جزاء حاسمة في الوقت بدل الضائع، ارتطمت بالقائم، لتتحول الآمال إلى حسرة.

بطولة لا تُنسى
هكذا أسدل الستار على نسخة استثنائية من كأس أمم إفريقيا:
- عودة جزائرية تاريخية
- إخفاق أصحاب الأرض
- مفاجآت مدوية
- وبطولة أكدت أن المجد الإفريقي لا يعترف إلا بمن يصنعه داخل الملعب