في خطوة تُعدّ مؤشّرًا قويًّا على رؤية هانز فليك المستقبلية وثقته العميقة في أكاديمية لا ماسيا، برز اسم جديد من أبرز المواهب الشابة التي تُعدّ لمستقبل نادي برشلونة: بابا كوروما، المدافع الواعد البالغ من العمر 16 عامًا فقط، والذي حظي مؤخرًا بفرصة ثمينة للتدرب مع الفريق الأول استعدادًا لمباراة أوفييدو في بطولة كأس الملك.
من لا ماسيا إلى التدريب مع الفريق الأول: صعود سريع وواعد
لم تأتِ هذه الخطوة من فليك من فراغ، بل هي ثمرة مراقبة دقيقة من الجهاز الفني لمستوى كوروما داخل فرق الناشئين، حيث أظهر الشاب الغيني الأصل قدرات استثنائية تفوق عمره بكثير. انضم كوروما إلى أكاديمية لا ماسيا المرموقة في عام 2021، بعد تجاوزه بعض العقبات الإدارية والبيروقراطية التي عادةً ما تواجه اللاعبين الدوليين الصغار، ليبدأ رحلته الرسمية مع النادي الكاتالوني.
في موسم 2022/2023، بدأ كوروما مشواره مع فريق إنفانتيل A، قبل أن يُظهر تطوّرًا سريعًا دفع به إلى التدرّج في فرق الشباب، ليشارك لاحقًا مع فريقي الشباب A وB تحت قيادة المدرب بول بلاناس، الذي أشاد مرارًا بذكائه التكتيكي وقدرته الفائقة على التكيّف مع مختلف المواقف داخل الملعب.
مرونة تكتيكية نادرة: قلب دفاع، ظهير، محور ارتكاز… وربما أكثر!
ما يميّز بابا كوروما عن غيره من اللاعبين في عمره هو المرونة التكتيكية الاستثنائية. فهو لا يقتصر على مركز واحد، بل يُتقن اللعب في عدة مراكز حيوية:
- قلب دفاع أيسر بفضل طوله وقوته البدنية،
- ظهير أيسر لما يمتلكه من سرعة وقدرة على دعم الهجوم،
- محور ارتكاز أو لاعب وسط دفاعي بفضل رؤيته للمباراة وقراءته الدقيقة للعب.
هذه الميزة تجعله خيارًا استراتيجيًّا لأي مدرب، خصوصًا في ظل سياسة برشلونة الحالية التي تُركّز على اللاعبين القادرين على أداء أكثر من دور ضمن منظومة لعب واحدة.
إرث عائلي رياضي وشخصية جذابة
لا يُمكن الحديث عن بابا كوروما دون الإشارة إلى خلفيته العائلية المميزة. فهو الشقيق الأصغر لإيلايش موريبا، النجم السابق في فرق برشلونة للناشئين واللاعب الحالي في فريق كارلسروه الألماني، والذي كان يُعدّ من أبرز مواهب لا ماسيا قبل مغادرته النادي. كما أن شقيقه الآخر، لاس كوروما، خاض تجربة احترافية مع نادي خيرونا، مما يُظهر أن الموهبة الجينية تجري في عروق هذه العائلة.
لكن ما يلفت الانتباه أكثر هو الشخصية الجذابة لبابا داخل وخارج الملعب. يُعرف بين زملائه بروحه المرحة، واندماجه الإيجابي في غرفة الملابس، وقدرته على رفع معنويات الفريق. هذه السمات لا تقل أهمية عن المهارات الفنية، خاصة في بيئة احترافية مثل برشلونة، حيث يُعدّ الانسجام الجماعي عنصرًا حاسمًا في النجاح.
إشادة فليك: رسالة واضحة حول مستقبله في برشلونة
قرار هانز فليك بدعوة كوروما للتدرب مع الفريق الأول ليس مجرد لفتة رمزية، بل رسالة واضحة تُشير إلى أن الإدارة الفنية ترى فيه لاعبًا مستقبليًّا قادرًا على تمثيل القميص الأول. في ظل سياسة النادي الحالية التي تُركّز على الاعتماد على المواهب المحلية وتقليل الاعتماد على الانتقالات المكلفة، يُعدّ كوروما نموذجًا مثاليًّا لما يطمح إليه برشلونة: لاعب شاب، مرن، ذكي، وقادر على التكيّف مع أعلى مستويات المنافسة.
ومن المتوقّع أن يحظى كوروما بمزيد من الفرص في التدريبات المشتركة مع الفريق الأول، وقد لا يطول الانتظار قبل أن نراه يظهر في مباريات رسمية، سواء في كأس الملك أو حتى في الليغا، خصوصًا إذا استمر في الحفاظ على مستواه وتطوره السريع.
لا ماسيا تُثمر من جديد: برشلونة يعوّل على الجيل القادم
إن ظهور بابا كوروما إلى الواجهة يُعيد التذكير بأهمية أكاديمية لا ماسيا كعمود فقري لسياسة برشلونة على المدى الطويل. فبعد عقود من إنتاج نجوم مثل ميسي، إنييستا، تشافي، وبويغ، تواصل الأكاديمية إثبات قيمتها من خلال مواهب جديدة مثل لامين يامال، باو كوباس، وأخيرًا بابا كوروما.
وفي ظل التحديات المالية التي يمر بها النادي، يصبح الاعتماد على اللاعبين المحليين ليس خيارًا تفضيليًّا فحسب، بل ضرورة استراتيجية لضمان الاستدامة والمنافسة على أعلى المستويات.
خلاصة: مستقبل مشرق لموهبة استثنائية
باختصار، بابا كوروما ليس مجرد لاعب ناشئ آخر في صفوف برشلونة، بل هو رمز لجيل جديد من المواهب التي تجمع بين الموهبة الفطرية، الانضباط التكتيكي، والشخصية القوية. ومع دعم مدرب ب caliber هانز فليك، وبيئة احترافية كتلك الموجودة في لا ماسيا، فإن الطريق أمامه يبدو مفتوحًا على مصراعيه.
تابعوا مستقبل بابا كوروما، فقد يكون الاسم التالي الذي يُسطّر في سجلات نجوم برشلونة، ويُعيد كتابة فصول جديدة من أمجاد لا ماسيا في عصرٍ جديد من التحديات والانتصارات.