الكيل بمكيالين في الصحافة الرياضية المغربية

شهدت مباراة الكلاسيكو المغربي بين الجيش الملكي والوداد الرياضي مؤخرًا حادثة رمي قوارير على أرضية الملعب، مما أثار موجة من الجدل في الصحافة الرياضية المغربية. هذه الحادثة كشفت بشكل واضح عن التعامل المزدوج للصحافة المغربية عند تغطية أحداث الشغب في الملاعب، حيث تتباين التغطيات بشكل لافت عندما يتعلق الأمر بالأندية الكبرى مثل الوداد والرجاء مقارنة بالأندية الأخرى مثل الجيش الملكي.

عند وقوع أحداث شغب في المباريات التي تشمل الأندية الكبرى في الدار البيضاء، مثل الوداد والرجاء، تتبنى الصحافة الرياضية موقفًا مرنًا ومتساهلًا في التعامل مع هذه الحوادث. كثيرًا ما يتم تبرير هذه التصرفات بأنها نتيجة لـ “الحماس الزائد” أو “غيرة على الفريق” أو “تضحيات جماهيرية”، مما يجعل الصحافة تتغاضى عن خطورة العنف والتصرفات غير الرياضية. لكن عندما يتعلق الأمر بأندية أخرى مثل الجيش الملكي، نجد الصحافة تتبنى مواقف مشددة جدًا وتصف جماهير هذه الأندية بأبشع الصفات، متهمة إياهم بالعنف والفوضى. هذا التفاوت في المعاملة بين الفرق يثير العديد من الأسئلة حول الحياد الإعلامي ومدى مصداقية التغطية الصحفية في المغرب.

هذا التفاوت في التعامل مع الحوادث الرياضية يعود إلى عدة عوامل، أبرزها الانتماء الجغرافي والإقليمي. الصحافة الرياضية المغربية تتمتع بنفوذ قوي في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء، حيث تتمركز أقوى الأندية مثل الوداد والرجاء، وهو ما يجعل الصحافة تتعامل بمرونة مع شغب جماهير هذه الأندية. في المقابل، تحظى الأندية الأخرى مثل الجيش الملكي بتغطية أكثر تشددًا نتيجة للعلاقة التاريخية بين هذه الأندية وبين الصحافة، التي قد تكون متأثرة بالعداوات الرياضية التقليدية بين الأندية الكبرى والأندية الأخرى.

كما أن الهيمنة الإعلامية لبعض الأندية الكبرى على الصحافة الرياضية في المغرب تسهم في هذا التفاوت. الأندية مثل الوداد والرجاء تتمتع بشعبية جارفة، ولا شك أن هذا النفوذ الإعلامي يجعل الصحافة تتعامل مع الحوادث التي تشملها بتساهل أكبر. هذا الأمر يتضاعف في ظل التوجهات التجارية لبعض الصحف الرياضية التي تعتمد على الدعم المالي والإعلانات من هذه الأندية، ما قد يدفعها إلى تبرير تصرفات الجماهير بشكل غير متوازن.

الآثار السلبية لهذا التفاوت الإعلامي كبيرة، فهي تؤدي إلى فقدان مصداقية الصحافة الرياضية. عندما يُنظر إلى الصحافة على أنها منحازة لصالح أندية معينة، يفقد الجمهور الثقة في دور الصحافة كمنبر إعلامي مستقل وموثوق. علاوة على ذلك، فإن هذا التعامل المزدوج قد يشجع على المزيد من العنف في الملاعب، حيث قد يشعر مشجعو الفرق الأخرى بالتهميش نتيجة لتغطية غير منصفة. كما أن تصعيد الحوادث دون معالجتها بشكل موحد يعزز فكرة إفلات الجماهير من العقاب.

من الضروري أن تتحمل الصحافة الرياضية المغربية مسؤوليتها في التعامل مع جميع الفرق والجماهير بنفس المعايير. يجب أن تسعى الصحافة إلى الحفاظ على الموضوعية في تغطية الأحداث الرياضية وتعزيز القيم الرياضية الحقيقية من خلال محاسبة جميع الأطراف بشكل عادل. إن عدم القيام بذلك يؤدي إلى تفاقم التوترات الرياضية وتعميق الانقسامات بين الجماهير.

إن الصحافة الرياضية المغربية مطالبة الآن بمراجعة مواقفها الإعلامية. يجب أن تتبنى مبدأ الحياد والموضوعية في تغطية جميع المباريات، وألا تنحاز لأي فريق على حساب آخر. بدلاً من تبرير السلوكيات غير الرياضية، يجب على الصحافة أن تلعب دورًا في تثقيف الجماهير وتعليمهم أهمية الالتزام بالقيم الرياضية مثل الاحترام المتبادل والابتعاد عن العنف. الصحافة الرياضية ليست فقط وسيلة لنقل الأخبار، بل هي أيضًا أداة للمساهمة في بناء مجتمع رياضي صحي يعزز من روح المنافسة الشريفة.