العربي بن مبارك: الجوهرة السوداء التي أضاءت سماء أتليتكو مدريد – قصة أسطورة كروية لا تُنسى 🇲🇦

في عالم كرة القدم، تمرّ أسماء كثيرة، لكن القليل منها فقط يُخلّد في الذاكرة الجماعية للأمم. ومن بين هؤلاء النجوم الخالدين، يبرز اسم العربي بن مبارك، اللاعب المغربي الذي حمل لقب “الجوهرة السوداء“، ليس كمجرد تعبير بل كشهادة على عبقرية فنية وفنّية لا تُضاهى داخل المستطيل الأخضر.

رغم رحيله الجسدي، يظل العربي بن مبارك حيًّا في قلوب عشاق اللعبة، ليس فقط في المغرب أو الوطن العربي، بل في كل مكان تُقدّر فيه الموهبة الكروية الحقيقية. فقصته ليست مجرد سيرة رياضي، بل رحلة إلهام لجيل كامل من اللاعبين الذين حلموا بتمثيل أوروبا من بوابة الإبداع والمهارة، وليس فقط القوة البدنية أو الفرص المتاحة.

من مراكش إلى مدريد: رحلة أسطورة بدأت في حي شعبي

وُلد العربي بن مبارك في عام 1914 بمدينة مراكش المغربية، في زمن كانت فيه كرة القدم في بداياتها بالقارة الإفريقية. ومع ذلك، لم تمنعه الظروف من أن يُظهر موهبته الاستثنائية منذ نعومة أظافره. بدأ مشواره مع فريق الاتحاد الرياضي لمراكش، قبل أن ينتقل إلى الوداد البيضاوي، ثم يُكتشف من قبل أحد كشافي المواهب الفرنسيين، ليُنضم لاحقًا إلى نادي أولمبيك مارسيليا في فرنسا.

لكن محطته الأبرز، والتي خلّدت اسمه في سجلات التاريخ الكروي العالمي، كانت مع نادي أتليتكو مدريد الإسباني، حيث أصبح أول لاعب عربي وإفريقي يُحدث ثورة حقيقية في الليغا الإسبانية.

إنجازات لا تُصدّق: 56 هدفًا في 113 مباراة كصانع ألعاب!

من أكثر الحقائق المذهلة عن العربي بن مبارك أنه لم يكن مهاجمًا، بل كان صانع ألعاب بامتياز، يلعب في مركز الوسط، يوزّع الكرات بدقة جراح، ويُبدع في صناعة الفرص أكثر من تسجيل الأهداف. ومع ذلك، فقد سجّل 56 هدفًا في 113 مباراة فقط مع أتليتكو مدريد – رقمٌ استثنائي لأي لاعب في مركزه، خاصة في حقبة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي.

لكن الأرقام لا تكفي لوصف تأثيره. فقد قاد “الروخي بلانكوس” إلى التتويج بلقب الدوري الإسباني مرتين متتاليتين في عامَي 1950 و1951، كما ساهم بشكل حاسم في فوز الفريق بكأس إيفا دوارتي (المعروفة اليوم بكأس السوبر الإسباني) في 1951.

وقد وصفه الأسطورة البرازيلي بيليه ذات مرة بأنه “أعظم لاعب أفريقي في التاريخ“، بينما لم يتردد نجوم عصره مثل دي ستيفانو وكوبالا في الإشادة بموهبته الفذّة وذكائه التكتيكي داخل الملعب.

الجوهرة السوداء: رمز للتفوق العربي والإفريقي في زمن التحديات

في زمن كانت فيه الكرة الأوروبية شبه مغلقة أمام اللاعبين غير الأوروبيين، نجح العربي بن مبارك في كسر الحواجز العنصرية والثقافية، ليثبت أن الموهبة لا تحمل جنسية. كان يمثل حلمًا جماعيًّا لكل شاب عربي أو إفريقي يراقب الملاعب الأوروبية من بعيد، ويتمنى أن يكون جزءًا منها.

لم يكن بن مبارك مجرد لاعب، بل سفيرًا للثقافة العربية والإفريقية في قلب أوروبا. وقد عُرف بأخلاقه العالية، تواضعه، واحترامه للمنافسين، مما جعله محبوبًا حتى من قبل جماهير الفرق المنافسة.

إرث خالد: لماذا لا يزال العربي بن مبارك مصدر إلهام اليوم؟

حتى بعد مرور أكثر من 70 عامًا على ذروة مجده الكروي، لا يزال اسم العربي بن مبارك يُذكر في كل نقاش حول أعظم لاعبي كرة القدم في التاريخ. في المغرب، يُعتبر أبًا روحيًّا لكرة القدم الحديثة، وفي إسبانيا، لا يزال جماهير أتليتكو مدريد يحتفون به كواحد من أعظم من ارتدوا قميص النادي.

وفي عام 1998، اختاره الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصائيات كرة القدم (IFFHS) كأفضل لاعب إفريقي في القرن العشرين، متفوقًا على أساطير مثل روGER ميلا وجورج ويا – وهو تكريم نادر يعكس عمق تأثيره.

هل تعلم؟ حقائق قد لا تعرفها عن العربي بن مبارك

  • كان يُلقب بـ”الجوهرة السوداء” من قبل الصحافة الفرنسية والإسبانية، تيمنًا بلقب “الجوهرة السوداء” الذي أُطلق على المغني الأمريكي جوني رايلي، لكنه أصبح مرتبطًا به فقط.
  • لعب أيضًا لصالح منتخب فرنسا في أربع مباريات دولية، بسبب جنسيته الفرنسية آنذاك (في ظل الحماية الفرنسية على المغرب).
  • بعد اعتزاله، عاد إلى المغرب وساهم في تأسيس مدارس كروية لتنمية المواهب الشابة.
  • في عام 2013، أصدرت البنك المغربي للتجارة الخارجية (BMCE) عملة تذكارية تحمل صورته، تقديرًا لمسيرته الاستثنائية.

خاتمة: أسطورة لن تموت

العربي بن مبارك لم يكن مجرد لاعب كرة قدم، بل ظاهرة ثقافية ورياضية جسّدت قوة الإرادة، وعبقرية الموهبة، وجمال الروح الرياضية. في زمن يُقاس فيه النجاح بالمال والشهرة، يبقى بن مبارك مثالًا حيًّا على أن العبقرية الحقيقية تُخلّد بالإنجاز والأخلاق معًا.

فهل تعرفت اليوم على الجوهرة السوداء التي صنعت مجد الكرة العربية في قلب أوروبا؟ شاركنا رأيك في التعليقات، ولا تنسَ مشاركة هذه القصة الملهمة مع محبي كرة القدم من حولك!