إبراهيم الطائفي، هذا الاسم الذي يثير مشاعر العز والفخر في قلوب كل من عرفوه أو تابعوا مسيرته الكروية، لم يكن مجرد لاعب كرة قدم عادي. كان رمزًا للجدية، مثالًا للعطاء، ونموذجًا للانتماء الحقيقي لفريقه، ولحيّه، وللرياضة المغربية بشكل عام. قصة حياته ومسيرته في الملاعب ليست مجرد حكاية رياضية، بل هي لوحة إنسانية تحمل بين طياتها قيم الإصرار، التضحية، والإخلاص.
ولد إبراهيم ونشأ في حي العكاري، هذا الحي الذي كان دائمًا ينبض بالحياة والحماس، والذي أخرج العديد من المواهب التي أثرت الرياضة المغربية. كان الحي بالنسبة لإبراهيم أكثر من مكان. كان روحًا، كان انتماءً يلازمه في كل خطوة، وشعلة تضيء طريقه نحو النجاح. في أزقة العكاري، وبين أصدقائه وجيرانه، بدأت رحلته مع كرة القدم، تلك اللعبة التي عشقها منذ نعومة أظافره. لم يكن يمتلك سوى شغفه وسرعة قدميه، لكنهما كانا كافيين ليصنع منه أسطورة رياضية.
إبراهيم الطائفي لم يكن لاعبًا عاديًا. كان لاعبًا استثنائيًا قادرًا على ملء أي فراغ داخل المستطيل الأخضر. لعب في كل المراكز تقريبًا، من الظهير الأيمن إلى الظهير الأيسر، ومن قلب الدفاع إلى الوسط الدفاعي. كان صمام أمان لفريقه، لاعبًا يعتمد عليه الجميع في الأوقات الصعبة. لم يكن يومًا يبحث عن الأضواء، بل كان يؤمن بأن النجاح الحقيقي يكمن في خدمة الفريق بكل ما يملك من قوة وعزيمة.
في وقت كانت فيه المنافسة على أشدها داخل فريق الجيش الملكي، الذي كان يُعتبر واحدًا من أعظم الفرق المغربية، استطاع إبراهيم أن يثبت نفسه وسط عمالقة الكرة. كان مثالًا في الجدية والانضباط، اللاعب الذي لا يتوانى عن تقديم أفضل ما لديه، سواء في التدريبات أو في المباريات. لقد عرف كيف يكسب احترام مدربيه وزملائه وحتى جماهير الفريق التي كانت ترى فيه رمزًا للإخلاص.
رغم كل هذه النجاحات، بقي إبراهيم وفياً لأصوله. لم تغره الشهرة ولا الألقاب. ظل مرتبطًا بحيّه العكاري، يعود إليه دائمًا وكأنه يتنفس منه قوته وحياته. كان حبه للحي أشبه بحب الابن لأمه، علاقة لا تنفصم ولا تتغير مهما تغيرت الظروف.
إبراهيم لم يكن مجرد لاعب يحمل ألقابًا ويتباهى بإنجازاته. كان إنسانًا يحمل في قلبه حبًا كبيرًا لكرة القدم وحبًا أكبر لأبناء حيه. بمرور السنين، أصبح مثالًا يُحتذى به، ليس فقط كلاعب مبدع، بل كإنسان نبيل. لقد أثبت أن النجاح في الحياة لا يقتصر على الألقاب، بل يشمل أيضًا الحفاظ على الجذور والبقاء مخلصًا للقيم التي نشأ عليها.
اليوم، ونحن نستذكر مسيرة هذا البطل، نشعر أن الوقت قد حان لتكريمه تكريمًا يليق بما قدمه للرياضة المغربية. إبراهيم الطائفي ليس مجرد لاعب مرّ عبر التاريخ، بل هو جزء من هذا التاريخ. هو ذكرى جميلة تستحق أن تظل خالدة في أذهان الأجيال القادمة. تكريمه ليس مجرد احتفال، بل رسالة شكر لرجل أعطى من قلبه وروحه للعبة وللوطن.
نسأل الله أن يطيل في عمر إبراهيم الطائفي، وأن يظل دائمًا مصدر فخر لكل من عرفوه أو تابعوا مسيرته. إنه رمز للأخلاق والقيم، وأيقونة من أيقونات الكرة المغربية التي لا تُنسى.